دائماً ما يستوقفني مشهداً أراه بطولياً بل وجنونياً، وهي أم تترك أبنها الصغير الذي لم يتجاوز من العمر عامان ليأكل في إحدى المطاعم الكبرى بنفسه ودون مساعدتها في سعادة بالغة لا تخلو من الفوضى التي يُحدثها في كل مكان، الطاولة، الملابس وأحياناً تمتد للحذاء بل وملابسها هي الأخرى، وهي تنظر إليه مبتسمة وتحاول بهدوء إصلاح مايفسده، ولكنني حين أفكر في الأمر أرى أن هذا هو الطبيعي وليس ماتفعله الغالبية العظمي من الأمهات، حيث يخافون دائماً على مظهر أبنائهم وملابسهم وخاصةً خارج المنزل، ولا يسمحون لهم أبداً بمحاولة تعلم الأكل بمفردهم الا بعد أخذ احتياطات أمنية مشددة داخل المنزل، وكنتيجة طبيعية لذلك ، فهم أيضاً لا يميلون أبداً لدخول الأبناء إلى المطبخ بدافع الخوف على نظافة وأدوات المطبخ وبالطبع الخوف على الأبناء من المخاطر التي قد يتعرضون إليها من استعمال تلك أدوات ، ولكن هذا خطأ تقع فيه أغلب الأمهات، فالطفل يجب أن يشترك في كافة الأعمال المنزلية منذ الصغر، حتى ينمو معه مبدأ التعاون بين أفراد الأسرة فالطفل يهوى صُنع أشياء بيديه ويمكن الإستفادة من ذلك في عمل شىء مفيد بدلاً من إفساد أشياء أخرى، كما أن للأطفال إبداعات وأفكار بنَاءة قد لا تصل إليها عقولنا، فأغلب الأطفال يدفعهم حبهم للحلوى إلى ابتكار أشكال جديدة ومبتكرة، كما أن إشراكهم في صُنع كعك العيد مثلاً يبعث في نفوسهم سعادة بالغة بتلك المناسبة، ويشعرهم بكونهم قادرين على المشاركة وبالأخص عند تلقي عبارات تشجيع واعجاب من الوالدين، وفيما يتعلق بالفتيات، فدخولهن المطبخ منذ الصغر، يُشكل عاملاُ هاماً في استيعابهن لأغلب فنون الطهي قبل بلوغ سن الزواج، الأمر الذي يجعل من الطهي متعة بالغة بدلا من أن يُمثل عبئاً ثقيلاً وخاصة في الأشهر الأولى من الزواج...
أطلقوا العنان لخيال أبنائكم الخصب... فقد يرون مانعجز نحن عن رؤيته
ليست هناك تعليقات :